«تأرجح الهند بين التقارب مع الصين وانتظار ترامب»

يرى تقرير لمجلة “فورين أفيرز” أن الهند “لا تبدو مرتاحة” للتقارب مع الصين، وأنها مضطرة للاستعانة ببكين بعد تراجع العلاقات مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثانية.
لكن دون دعم أمريكي موثوق، قد تضطر الهند إلى إعادة تقييم شراكتها مع واشنطن في مجالات الدفاع والتكنولوجيا، حيث يجادل منتقدون في الهند بأن ترامب يعامل نيودلهي مثلما تفعل بكين، مما يعزز دعوات تنويع الشركاء.
أخبار ذات علاقة
صاروخ “أغني-5”.. الهند توجه رسالة ردع نووية للصين (فيديو)
وتعتقد المجلة أن استمرار التوتر الأمريكي–الهندي سيكون خسارة للجميع، إذ سيؤدي إلى تقليص نفوذ نيودلهي أمام بكين، وفي المقابل سيحرم واشنطن من حليف استراتيجي في آسيا.
ويشير التقرير إلى أن نيودلهي لا تزال متمسكة بعلاقاتها مع واشنطن، وتسعى للتوصل إلى اتفاق مع ترامب، لكن إذا فشلت، فقد يؤدي ذلك إلى تحول يجعل الهند أقل توافقاً مع المصالح الأمريكية، مما يعزز التنافس الإقليمي، لكن على أسس “غير عادلة”.
وفي خطوة فاجأت المراقبين الغربيين، التقى رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بالزعيم الصيني شي جين بينغ في أغسطس الماضي خلال قمة منظمة شنغهاي للتعاون في تيانجين، وكانت تلك هي أول زيارة لبكين منذ تصاعد التوترات الحدودية الدامية عام 2020، التي أسفرت عن اشتباك عسكري مميت بين الجارتين الآسيويتين.
والصور التي أظهرت مودي holding يد شي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مع تبادل الضحكات، أثارت مخاوف من أن سياسات ترامب، بما في ذلك فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الهند، قد دفعت نيودلهي إلى تعزيز علاقاتها مع بكين.
ومع ذلك، يؤكد محللون أن هذا اللقاء ليس رد فعل مفاجئ على “تنمر” ترامب، بل جزء من جهود مستمرة لاستعادة الاستقرار للعلاقات الثنائية، دون أن يعني ذلك إنهاء التنافس بين العملاقين الآسيويين، إذ بدأ ذوبان الجليد في العلاقات الصينية–الهندية في أكتوبر 2024 خلال قمة البريكس، عندما عقد مودي وشي اجتماعًا ثنائيًا لأول مرة منذ 2019.
منذ ذلك الحين، شهدت العلاقات تطورات إيجابية، حيث استؤنفت محادثات الحدود في ديسمبر 2024، وزار وزير الخارجية الصيني وانغ يي نيودلهي في أغسطس الماضي، كما أرسلت الهند كبار مسؤوليها، بما في ذلك وزير الدفاع ومستشار الأمن القومي، إلى اجتماعات في الصين لدعم رئاستها لمنظمة شنغهاي.
تقارب المضطر
ورغم هذه الانفتاحات، يظل التنافس قائمًا، حيث أكد رئيس أركان الدفاع الهندي أن النزاع الحدودي مع الصين هو التحدي الأمني الرئيسي، إذ لم تعد القوات إلى مواقعها قبل 2020، كما يستمر العجز التجاري الهندي مع الصين، وقد فرضت بكين قيودًا على تصدير مواد أساسية مثل مغناطيسات العناصر الأرضية النادرة وآلات حفر الأنفاق.
كما أثارت مشاريع سدود صينية على نهر براهمابوترا مخاوف في الهند وبنغلاديش، ففي مايو/أيار دعمت الصين باكستان في اشتباكات مع الهند، بما في ذلك توريد معدات عسكرية، وقد وصف دبلوماسي هندي سابق ذلك بـ”التواطؤ”.
كذلك، رفضت الهند ادعاءات صينية بشأن تايوان، محافظةً على علاقاتها مع تايبيه، وأعادت التأكيد على مواقفها في بحر الصين الجنوبي والشرقي، مع تنظيم تمارين بحرية مشتركة مع الفلبين.
ولم تكن الهند مهتمة بتشكيل كتلة مناهضة للغرب مع الصين وروسيا، إذ امتنع مودي عن إحياء اجتماعات ثلاثية مع شي وبوتين، ولم يحضر موكب نصر في بكين، كما غاب عن قمة بريكس افتراضية حول الرسوم الأمريكية.
وتعكس هذه التحفظات عدم الثقة المتجذرة، حيث ترى نيودلهي أن استقرار الحدود هو الأساس لأي تقارب.




